الخليج: صلة الوصل

ها نحن اليوم نتنقّل بين غرف الاجتماعات المكيفة بشكل شديد.. ولم يمض سوى ثلاثة أشهر بعد صدور آخر عدد من منشورة “ايكو” في بانكوك الاستوائية، المليء بالتساؤلات حول مجريات مؤتمر الأمم المتحدة حول التغير المناخي في دورته الثامنة عشر. وها نحن اليوم على أطراف الصحراء، نستقبل مؤتمر الامم المتحدة للتغير المناخي بعد أن استقبلنا الكثير من التغييرات في الأشهر الثلاثة السابقة. ومن التغييرات التي جرت: قيادة صينية جديدة، تمديد لفترة حكم الرئيس الأميركي أوباما، الانتخابات في أوكرانيا، جيورجيا، لتوانيا وفنزويلا، دون التواني عن ذكر بعض الكوارث البيئية والتي تسببت بالكثير من الأضرار والخسائر.

100% Pure New Zealand Shame
image-529

ويبقى السؤال الأبرز، هل ستؤثر هذه التغيرات السياسية الضخمة على نتائج مؤتمر الدوحة؟
ففي 2011، أعطى المتفاوضين في مؤتمر الاطراف في دوربان ارشادات واضحة حول ضرورة قيام مؤتمر الدوحة برسم خريطة الطريق حتى العام 2015. ونود تذكير كل الوفود بأن هذا لا يعطيهم الحق بأن يسترخوا حتى ذلك الوقت بل بالعكس. فاذا تماهوا فسيخسروا الكثير لأن حياتنا تقع على المحك!

ولذلك، لا بد وأن نتفق على القضايا العالقة بروتوكول كويوتو، نختم على خطة التعاون الطويلة المدى LCA بنجاح، ونضع خطة عمل لهذا التعاون إلى حين التوصل إلى اتفاق طموح حول العام 2015 وتحقيق تقدم لدى الهيئات الفرعية.
فمن الأساسي جداً ألا تعيد الدوحة مفاوضات دوربان، بل أن تمشي قدماً.

يقول بسمارك، ” السياسة هي فن المحال” و”ايكو” ECO تؤمن بأنه من الممكن أن نتوصل إلى حل توافقي في الدوحة باستعمال هذا الفن! فنحن بانتظار أن نعرف كيف ستقوم رئاسة مؤتمر الأطراف بقيادة الوفود نحو جعبة من القرارات في الدوحة.

ولعل أكثر ما يسر “ايكو” موقف استراليا البناء ونيتها بالامضاء على فترة التزام ثانية من اتفاقية كيوتو، ولعل باقي الدول تتبع المسيرة نفسها. أما رفض نيو زيلندا بالتوقيع على فترة التزام ثانية من اتفاقية كيوتو فهو دون شك كارثة! فكيف بامكان دول كنيو زيلندا المطالبة بقرارت ملزمة قانونياً في2015 في حين تمنعها عن التوقيع على احداها؟
ولكن رغم ذلك، ايكو تؤمن بأن الاتحاد الاوروبي باستطاعته أن يضع أهدافاً تؤدي إلى نتائج فعلية في التخفيف من حدة التغير المناخي ولا سيما وأنه حققت تخفيف نسبة 20 بالمئة التي التزم بها حتى2020 الآن. ولربما الوفد البولندي بامكانه وضع هذا الهدف أمامه ايضاً بما أنهم سيسقبلون مؤتمر الأطراف القادم.

ونحن في ايكو بانتظار أن تقوم الدوحة بتعديل اتفاقية كيوتو بشكل يضمن العدالة البيئية للجميع ويلحم الفجوات لنستطيع التوصل إلى خطة تعاون حقيقية ومثمرة. ولكن لن ننسى أيضاً تهرّب كندا،واليابان وروسيا المسبق من ملزمات اتفاقية كيوتو متجاهلين بذلك واجباتهم ومصالحهم الوطنية.

يبقى اختتام خطة تعاون الطويلة المدى بشكل فعال في هذا المؤتمر من أهم أهدافه بالنسبة للكثيرين. ومن بعد اعتماد تعديل اتفاقية كيوتو لا بد من اتخاذ عدة قرارات لا سيما فيما يتعلق في التمويل، واجراءات القياس، والتقرير والتحليل(MRV) في الدول المتطورة. ولا بد تقوم الدول المتقدمة بطمئنة الدول النامية حول المصادر المالية على المدى البعيد من أجل اختتام خطط التعاون المستمرة. فهذا القرار سيشجع الدول النامية على التحرك الفعلي دون شك!

وتؤمن “ايكو” بأن اقتراح ج77 حول القياس، التقرير والتحليل في الدول المتطورة يخدم الهدف. فعندما تضمن الشفافية والثقة التامة في مجال الحد من آثار التغير المناخي في الدول المتطورة ، ستتجدد ثقة دول ال ج77 وكل من وقع على اتفاقية كيوتو (أي كل العالم) في أن الدول المتطورة التي تركت اتفاقية كيوتوستتخذ جهود مماثلة!

أما بالنسبة إلى الديربان بلاتفورم و اتفاقية 2015، فتود “ايكو” تذكير الاطراف المجتمعة بأن الانصاف والطموح يترافقان سوياً ولذلك فلا بد أن تواجه المفاوضات المواضيع هذه وبالتالي مصادر القلق لدى الدول النامية و اختتام خطط التعاون الطويل الأمد. كما وننتظر بفارغ الصبر الاجراءات التي ستقوم بها الدول الأطراف من أجل تحقيق الطموحات على المدى القريب وفي المستقبل العاجل. ومن هذه الاجراءات قيام عدد من الدول بالتعهد بتخفيض انبعاثات الغازات الدفيئة ولا سيما الدولة المضيفة والدول المجاورة. فلا بد أن نبني جسور بين حقبة حرق الفحم والبترول وحقبة الطاقة المتجددة والمتوفرة للجميع من أجل مستقبل أفضل ومناخ آمن.

ولا بد من توجيه الأنظار على التغيرات الاقليمية السياسية والاقتصادية التي يشهدها العالم بما أن ذلك يؤثر بشكل شديد على ديناميات المفاوضات في هيئة الأمم المتحدة من أجل التغير المناخيUNFCCC. يجب على الدول أن تقوم بوصل نياتها الحسنة والطموحة مع موقفها على الأرض. فبينما تتخاذل النية السياسية، الواقع المناخي يستمر بالتغير! واذا أردنا أن نرى بصيص النجاح في العام 2015 لا بد أن نقوم بتغييرات جذرية على الصعيد السياسي والاقتصادي. فالكثير من المسؤولية تقع على الدوحة، لكي تتقدم المفاوضات إلى الامام من بعد مؤتمر دوربان ولنتأكد من أن هناك جائزة في الختام تستحق الكفاح من أجلها!